عودة

المزادات العقارية: توجه عابر أم تحول استراتيجي

شهدت المزادات العقارية في السنوات الأخيرة نموًّا ملحوظًا وإقبالًا متزايدًا من المستثمرين والباحثين عن العقارات. ففي عام 2024 وحده، أقيم أكثر من 2000 مزادًا عقاريًا، شملت مختلف أنواع العقارات السكنية والتجارية والزراعية، وقد كان للقطاع السكني النصيب الأكبر من إجمالي التداولات بمعدل 464 مزاد.

وقد يتبادر إلى ذهنك تساؤل: ما الذي يقف وراء هذا النمو اللافت للمزادات العقارية في المملكة العربية السعودية؟ في هذه المقالة نستعرض العوامل التي جعلت المزادات العقارية خيارًا جاذبًا وبوابة مثالية لاقتناص الفرص العقارية للمستثمرين والأفراد الباحثين عن السكن.

العامل الأول: تشريعات وضوابط لحفظ الحقوق

تخضع المزادات العقارية في المملكة لمنظومة متكاملة تضمن حوكمة العمليات وحماية حقوق جميع الأطراف أكثر مما لو كانت خارج المزاد. فمن اللوائح الهامة التي أصدرتها الهيئة العامة للعقار في هذا الشأن هي اللائحة التنظيمية للمزادات العقارية بـ 12 مادة تغطي مختلف الجوانب التنظيمية للمزادات العقارية، بما في ذلك أحكام الترخيص، والتزامات المرخص لهم، وشروط إقامة المزادات، وغيرها؛ لضمان شفافية العمليات وحماية حقوق جميع الأطراف المعنية.

العامل الثاني: فرص استثمارية حصرية

عادة ما تُعرض في المزادات العقارية -خاصة تلك التي تكون بإشراف مركز الإسناد والتصفية «إنفاذ»- فرص عقارية نادرة في أحياء مكتظة وذات طلب مرتفع بسبب كونها إما جزءًا من تصفية أصول أو مرتبطة بإجراءات قضائية أو تنظيمية تحتم بيعها عبر المزاد العلني.

العامل الثالث: الشفافية والوضوح

تنص اللائحة التنظيمية للمزادات العقارية الصادرة عن الهيئة العامة للعقار، على ضرورة إخضاع جميع العقارات المطروحة في المزاد لمراجعة قانونية دقيقة قبل الطرح، لضمان الشفافية وحماية حقوق جميع الأطراف. وتشمل هذه المراجعة:

      الإفصاح عن الحقوق العينية المرتبطة بالعقار.

      التحقق من أي نزاعات قائمة قد تؤثر على المزايدة أو تعيق عملية البيع.

      فحص أي رهون أو قيود قانونية قد تؤثر على الانتفاع بالعقار.

      التأكد من جميع الحقوق والالتزامات غير الموثقة في وثائق العقار.

      التحقق من توفر الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي.

العامل الرابع: أسعار عادلة

في جميع المزادات العقارية، يتم الاتفاق على الحد الأدنى لقيمة الترسية من قبل مقيم معتمد ومرخص وفقًا لنظام المقيّمين المعتمدين الصادر عن الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين، لضمان أن تسعير العقارات يعكس قيمتها السوقية العادلة.

ويعتمد المقيم في تقدير السعر على مجموعة من العوامل المؤثرة، بما في ذلك الموقع، والمواصفات، والحالة العامة للعقار، ومستوى الطلب في المنطقة، والمبيعات العقارية المماثلة.

أما في حال عدم وصول المزاد العقاري للقيمة المتفق عليها لقبول البيع في عقد الوساطة، فيتم التعامل معها بأحد الأحوال التالية وفقًا للائحة التنظيمية للمزادات العقارية:

  1. إقرار المالك أو من يمثله نظامًا كتابةً على قبول الترسية والتصرف في العقار بالسعر الذي وصلت له المزايدة.
  2. إنهاء المزايدة في حال عدم الإقرار من المالك -أو من يمثله نظامًا- وتحرير محضر بذلك. 

 

ملاحظة: في المزادات العلنية التي تُقام تنفيذًا لحكم قضائي، لا يُشترط الحصول على إقرار المالك لقبول الترسية، حتى في حال عدم بلوغ السعر التقديري. وفي بعض الحالات، قد يُعاد طرح المزاد مرة أخرى إلى أن يصل العقار إلى السعر المحدد من قبل الجهات المختصة.

العامل الخامس: التسويق الاحترافي

عند طرح عقارك في المزاد، يتم دعمه بحملات تسويقية موجهة تستهدف المشترين الجادين، مما يجعله يحظى بأعلى قدر من الاهتمام. فالتسويق الاحترافي هو أحد أبرز العوامل التي تميز المزادات العقارية، حيث يساهم في توسيع دائرة المشترين المحتملين، وزيادة التنافس على العقار، وبالتالي رفع قيمته النهائية.

بالإضافة إلى ذلك، تُدار المزادات العقارية بواسطة فرق تسويق متخصصة في المجال العقاري، تركز على اختيار التوقيت الأمثل للطرح بناءً على حالة السوق لضمان تحقيق أعلى سعر ممكن.

 

في رومة العقارية، يتم الترويج للعقارات المطروحة عبر:

  •     الإعلانات الرقمية التي تستهدف المستثمرين المحتملين بدقة.
  •     التسويق عبر المشاهير والمؤثرين في المجال العقاري لزيادة الوعي.
  •     قاعدة بيانات المستثمرين التي تساعد في جذب أكبر عدد ممكن من المزايدين الجادين.

وبفضل هذه الاستراتيجيات، يحقق العقار المطروح في المزاد وصولًا أوسع، وفرصًا لبيعه بأفضل سعر ممكن.

العامل السادس: قاعدة بيانات للمستثمرين

تتمتع الشركات العقارية المتخصصة في إدارة المزادات العقارية بشبكة قوية من المستثمرين ورجال الأعمال ذوي الملاءة المالية والباحثين عن فرص استثمارية متميزة، مما يضمن جدية العروض المقدمة وارتفاع قيمة المزايدة النهائية.

وبفضل هذه القاعدة الواسعة من المستثمرين، فإن العقارات المعروضة في المزادات غالبًا ما تحظى باهتمام أكبر مقارنة بطرق البيع التقليدية، مما يزيد من فرص بيعها بسعر تنافسي يعكس قيمتها الحقيقية في السوق.

العامل السابع: منافسة مفتوحة

تُعد طبيعة المزادات التنافسية القائمة على المزايدة من أهم عوامل زيادة قيمة العقارات. فكلما زاد عدد المشاركين في المزاد، زادت احتمالية ارتفاع السعر النهائي، مما يضمن للبائع تحقيق أعلى عائد ممكن على ممتلكاته.

 

وفي الأخير يمكن تلخيص أبرز أسباب الإقبال على المزادات العقارية في أنها أثبتت أنها أداة استثمارية قوية توفر بيئة تنافسية شفافة وعادلة، وتمنح المستثمرين والمشترين إمكانية الوصول إلى فرص عقارية نادرة، كما أنها توفر للبائعين فرصة تصفية عقاراتهم بسرعة مع تحقيق عائد ربحي مجزي.